أشاد أكاديميون وخبراء بخطوة البرلمان
لطرح مشروع قانون لحماية الثروة السمكية فى مصر للمناقشة، والذى ينص على
تغليظ العقوبات على المتعدين على البحيرات ومصادر إنتاج الأسماك وتوحيد
الجهات المعنية بالحفاظ على الثروة السمكية، مشيرين إلى أن الدولة المصرية
تقوم بخطوات جادة وتاريخية فى معالجة البحيرات وقطاع الأسماك، وهذه الخطوات
تحتاج إلى تشريع جديد يواكبها وينظم عمليات الصيد والاستزراع وإزالة
التعديات، مرحبين بتغليظ العقوبات على المخالفين، والتى تصل إلى السجن،
وأكدوا أن هذا الإجراء سيعزز من الموقف الصارم تجاه المخالفات فى البحيرات
ويقوى قبضة الجهات الأمنية والرقابية أمام المتجاوزين.
"الحسنى": التعديات توقفت منذ أطلق "السيسى" المشروع القومى لتنمية البحيرات
أشاد الدكتور خالد الحسنى، رئيس هيئة الثروة
السمكية السابق، بمشروع القانون الجديد لحماية الثروة السمكية المزمع
مناقشته فى البرلمان، أكتوبر الحالى، مشيراً إلى أن القانون سيزيد سلطة
الجهة المنوط بها حماية الثروة السمكية فى مصر، وأكد أن ضم الهيئات فى كيان
واحد سيجعله تابعاً لرئاسة الوزراء، مما سيجعل له سلطة فى التعامل مع
المحافظين وبقية الوزراء بشكل مرن، خاصة أن قطاع الثروة السمكية بمصادره
المختلفة تشترك فيه هيئات وكيانات حكومية كثيرة، والدولة تقوم الآن بأعمال
لم يتم تنفيذها فى الماضى، وكلها جهود حثيثة تعيد الحياة للبحيرات، وأوضح
«الحسنى»: «مشروع القانون الذى يغلظ العقوبات ويعيد تنظيم الأمور مهم ظهوره
فى هذه الفترة، فلا توجد دولة فى العالم تنتهك بحيراتها مثل مصر، والدولة
الآن تتخذ خطوات تاريخية وغير مسبوقة لإنقاذ البحيرات ومصادر الأسماك،
والناس والمتعدون أوقفوا التعدى على البحيرات منذ أطلق الرئيس عبدالفتاح
السيسى المشروع القومى لتنمية البحيرات».
وأكد «الحسنى» أن تغليظ العقوبات فى القانون
الجديد السبيل الوحيد لردع أى تعديات على مصادر الثروة السمكية، معلقاً:
«لولا تغليظ العقوبات فى اتجار الحشيش والهيروين لكانت تباع فى المحلات»،
مشيراً إلى أنه وفقاً للقانون ستكون لشرطة المسطحات سلطة ضبط الأمور على
الساحل وداخل البحيرات، بينما «البواغيز» ستكون تحت سيطرة حرس الحدود،
لافتاً إلى أن البحيرات هى أكثر المصادر التى تقلل أخطار التغيرات
المناخية، لأنه فى حال زادت مياه البحار ستكون البحيرات مستعدة للتزوّد
بهذه المياه الزائدة وتقليل المخاطر على دلتا مصر ومدنها من الغرق».
"فاروق": توحيد الكيانات المشرفة على القطاع مطلب قديم ويمكن الاستفادة من الاستزراع التكاملى فى زراعة الصحراء
وشجّع الدكتور أحمد فاروق، أستاذ رعاية الأسماك
بجامعة دمياط، مشروع القانون، مشيراً إلى أن توحيد الهيئات والكيانات
المسئولة عن رعاية الثروة السمكية سيجعل لها القرار النافذ الذى هو أحد
المطالب التى كان ينادى بها الخبراء منذ سنوات طويلة، لوجود تضارب فى
القرارات بين الكثير من الهيئات والكيانات المسئولة، ضارباً المثال ببحيرة
المنزلة، وأوضح: «هيئة الثروة السمكية تتخذ قراراً، لكن المحافظ قد يعترض
على هذه القرارات، أو أن تكون وزارة الرى ترى شيئاً تعارضه المحافظة أو
هيئة الثروة السمكية»، مضيفاً: «تلاقى المحافظ يتدخل وتلاقى وزارة الزراعة
تتدخل ووزارة الرى والجيش وهيئة الثروة السمكية، فأكتر من جهة بتتدخل فى
حاجة واحدة، وده كان بيضر بالمزارع وبالثروة السمكية فى مصر، وكنا بنقول يا
ريت توحيد القرارات»، وأشار إلى أن تناول مشروع القانون لإجازة الاستزراع
التكاملى خطوة جيدة وتحقق الكثير من الفوائد، حيث إن الاستزراع التكاملى
عبارة عن استخدام مياه المزارع السمكية لرى مساحات من الأراضى الزراعية
بها، وهو ما يفيد الزراعة، لأن مياه المزارع تكون محمّلة بمخلفات الأسماك،
وهى الأمونيا التى تفيد المحاصيل الزراعية بتسميدها، وهو ما يوفر على
المزارع ثمن الأسمدة وتغذى المحاصيل، كما أنه يمكن بها زراعة المناطق
الصحراوية».
الدولة تقوم بأعمال غير مسبوقة لحمايتها من البلطجية والتعديات
ويضيف «فاروق» أن تفعيل الضبطية القضائية لدى
العاملين فى الكيان الجديد أمر فى غاية الأهمية، حيث تعانى البحيرات فى مصر
من هجرة الأسماك بسبب إهمال البحيرات والصيد الجائر، وهذا سبب مشكلة هجرة
السمك البورى وأيضاً أسماك الثعابين، لأن الصيادين يصطادون فى مواعيد محظور
فيها الصيد، وهى أوقات التفريخ، أى الوقت الذى تأتى فيه الأسماك لتضع
البيض، فيقوم بعض الصيادين معدومى الضمير بصيدها، وهو بذلك يهدر ثروة
الأسماك المستقبلية، وإذا أفلتت هذه الأسماك من الشباك، تقع صغار الأسماك
«الزريعة» فى قبضة بعض الصيادين معدومى الضمير أيضاً من الذين يصطادون
الزريعة ولا يعطونها الفرصة لتكبر فى البحيرة.
ويشير أستاذ رعاية الأسماك بجامعة دمياط، إلى أن
جهاز الثروة السمكية كان يصدر قرارات، لكنها كانت غير مفعّلة، وتحتاج إلى
جهة تنفيذ القرار أو القانون، وهو ما سيحققه مشروع القانون الجديد من منح
الضبطية القضائية للعاملين بالهيئة الجديدة أو الكيان الجديد، مما سيردع أى
مخالف، لافتاً إلى أن وضع البحيرات سيئ للغاية وأنها والبحار تنتج 13% فقط
من حجم الأسماك فى مصر، بينما تنتج المزارع 80% رغم مساحتها الصغيرة جداً،
مقارنة بالبحار والبحيرات، ورغم أن مساحة الصيد فى البحار والبحيرات 13
مليوناً و365 ألف فدان، لكن بسبب الإهمال وعدم تطهير البواغيز التى تغذى
البحيرات بالأكسجين والمياه النظيفة، وكذلك الصيد الجائر جعل كل هذه
المساحة الشاسعة لا تنتج سوى 13% من أسماك مصر.
"عثمان": القوانين الماضية عقوباتها هزلية ونحتاج إلى التشريع الجديد.. والمزارع تقدم 80% من الإنتاج فى مصر
من جهته، قال الدكتور محمد فتحى عثمان، أستاذ
تغذية الأسماك بكلية الزراعة جامعة عين شمس، ورئيس أسبق لهيئة الثروة
السمكية، إن مصر فى حاجة شديدة إلى إصدار تشريع ينظم عمل قطاع الثروة
السمكية، وهناك جهود تبذل منذ عامى 2009 و2010، وكانت هناك مسودة قانون
مقترحة بهيئة الثروة السمكية وجرت تعديلات على القوانين القديمة التى لم
تكن تتناسب مع المخالفات فى البحيرات ولم تكن رادعة، قائلاً: «كانت هناك
قوانين عقوبتها 50 جنيه بس، ودى كانت قوانين قديمة محتاجة للتغيير والتعديل
لأن دى عقوبة هزلية»، مشيراً إلى أنه عقب هذه الجهود صدور قانون اقتراح
إنشاء الهيئة القومية للبحار وتنمية الثروة السمكية، موضحاً أن إزالة
التعديات على البحيرات يجب ألا تكون فقط أمام المزارعين المخالفين، بل على
كل مظاهر التعدى التى تقوم بها المحليات من بناء مصانع ومناطق زراعة على
البحيرات ومياه الصرف الصحى، وأن يكون الهدف هو الحفاظ على البحيرات وفقاً
لدراسات علمية وليس بهدف الثروة السمكية فقط، لأن البحيرات تنتج من 8 إلى
10% من حجم إنتاج الأسماك فى مصر.
ويشير «عثمان» إلى أن مصر تنتج مليوناً و800 ألف
طن أسماك كل عام تقريباً، والمزارع وحدها تنتج مليوناً و400 ألف طن، وبقية
الإنتاج تشترك فيها البحار والبحيرات ونهر النيل، لذا فالأمل كله فى
المزارع الآن، وآخر إحصائية كانت فى 2017 قالت إن البحر المتوسط أنتج 58
ألفاً و900 طن، والبحر الأحمر 51 ألف طن، وإجمالى البحيرات 183 ألف طن، لا
تشكل سوى 10% من الإنتاج فقط، ويجب تفهم أن البحيرات تحمى الدلتا وأرضها،
وألا نحول مياه البحيرات إلى مياه مالحة حتى لا تؤثر على الأراضى الزراعية
فى دلتا مصر، معلقاً: «طبعاً أنا مع القانون فى إزالة التعديات، لكن لازم
نفهم أن البحيرات لازم تكون عذبة وماتبقاش مالحة علشان الأراضى اللى
حواليها ماتبورش، مش نشيل مزارع مخالفة ونحط مكانها مبانى ومصانع وندخل
مياه البحر وتبقى ملاحات»، موضحاً أهمية المزارع السمكية كونها أنقذت مصر
من فقر الأسماك فى الثمانينات، حيث كان إجمالى إنتاج مصر 200 ألف طن، وكانت
المزارع نصيبها 90 ألف طن.
ويتابع: «أنا أسمع أن تعميق البحيرات دلوقتى سالب
2 أو سالب 3، يعنى هما بيخلوا مستواها أقل من مستوى سطح البحر يعنى المياه
المالحة هتدخل البحيرة»، مشيراً إلى أنه إذا أضفنا إلى هذه المعطيات
المشروع القومى لإعادة استخدام مياه الصرف الزراعى فهذا كله يقلل كمية
المياه العذبة التى كانت تصب فى البحيرات، ولا بد أن تعقد لجان استماع لكل
الآراء لمناقشة حالة البحيرات والإجراءات الأنسب لإنقاذها، قائلاً: «نقعد
نسمع آراء كل الناس إيه الضرر وإيه الفوائد ونقيس إيه الأفضل ونعمله، نسمع
لرأى المؤيدين ورأى المعارضين ونعمل دراسة جدوى، يعنى مين مايعرفش إيجابيات
السد العالى، ومين مايعرفش سلبيات السد العالى، فكل شىء له سلبياته
إيجابياته والمطلوب هو طرح المناقشة واختيار الأنسب».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق